| 2. مبادئ وأساسيات | ||
|
2-1. تعريف المنظومة: استخدمت الكلمة
الإنجليزية(System) ومعناها هنا منظومة من
مرادفها باللغة اليونانية والتي استخدمت لتعبر عن مجموعة من المكونات والأجزاء أو
العناصر، والعلاقات المخططة بينها. ومن أهم مدلولاتها هو
الهدف الذي تتواجد من أجله هذه العلاقات أو الهدف الذي يتحقق من وجود المنظومة
نفسها أو تعمل المنظومة لتحقيقه والوصول إليه.
وتتعامل النظرية
العامة للمنظومة (GST) مع المنظومة ككيان غير قابل للتجزئة. وسواء
كانت المنظومة من صنع الإنسان أو تتواجد في الطبيعة (خلقها الله) يكون لها دائما هدف ووظائف. وهناك العديد من
المحاولات لوضع تعريف موحد للاستدلال على المعنى العلمي لكلمة منظومة نذكر منها
هنا: "المنظومة هي مجموعة من المركبات والأجزاء التي تعتمد في عملها
على بعضها طبقا لتخطيط محدد يساعدها ( المنظومة) للوصول إلى أهداف محددة
بعينها". وبذلك فإن هذا التعريف يلقي الضوء على صفات رئيسة للمنظومة أهمها:
(1)
دائما ما يكون للمنظومة هدف أو عدد من الأهداف.
(2) أداء المنظومة يتأثر بأداء كل جزء بها.
(3) التفاعل
والاعتماد المتبادل بين المكونات يصبح سمة من سمات المنظومة
(4) تناول مكونات المنظومة
كمجموعات يجعل من كل مجموعة منها منظومة أيضا. بهذا التعريف يمكن
تناول أي مؤسسة من خلال تحديد المكونات والأجزاء والأنشطة التي تضمها بغض النظر عن
نوع المؤسسة أو مجال العمل لها. وعندما يشير فكر
المنظومة إلى عدم قابلية المنظومة للتجزئة فإننا نستخدم جدارًا (تخيليًا) يضم
المكونات التي تدخل ضمن مجال اهتمام دراستنا ويرسم حدود
التفاعلات بين المنظومة والبيئة التي تعمل بها. داخل هذا الجدار (التخيلي) يوجد مكونات المنظومة والتي تمثل كل
مجموعة منها منظومة فرعية أو ثانوية
(Subsystems)، ويعطي شكل (2) رسم
تخطيطي لمكونات المنظومة مع المنظومات الفرعية لها. وحتى يمكننا وصف التركيبات
المعقدة للمنظومة وتفاعلاتها فإنه يتم التعامل معها بصورة مجردة من خلال عناصر
(تساعدها للقيام بوظائفها) هي: جدار التماس، مدخلات
ومخرجات، معالج، تغذية مرتدة، تحكم، وثقافة المنظومة. ويوضح شكل (3) تمثيل هذه
العناصر.
شكل (2) المنظومة 2-2. الأعمال ومشكلات المؤسسة: باستخدام فكر المنظومة يمكننا التعبير عن البناء التنظيمي للمؤسسة (أو المدرسة) كأحد عناصر منظومة العمل التي تتواجد بها بصورة عامة وبالنظر إليها باعتبارها معالج (يقوم بتحويل المدخلات إلى مخرجات) كما في شكل (3). فالمؤسسة تستقبل المدخلات مع ما تحمله من بيانات ومعلومات لتقوم بمعالجتها من خلال الأنشطة والتفاعلات الداخلية لها وتحويلها إلى مخرجات كمنتج (أو خدمة) مع ما يصاحبها من معلومات وبيانات لتستخدم من جديد. هذا التمثيل للمؤسسة كمعالج يتطلب أن تضم من الآليات الداخلية ما يمكنها من القيام بعمليات التحويل نفسها إلى جانب توفير معلومات الإدارة والتحكم والتي تعتمد على تفاعلات النظم الفرعية بها لتنقلها إلى البيئة التي تتفاعل معها لتتمكن من تحقيق أهدافها.
. |
||
|
|
||
|
شكل (3) البناء التنظيمي للمؤسسة كمعالج فالمدرسة كمنظومة هدفها تربية وتعليم التلاميذ وإعدادهم إعدادا متوازنا من الناحية النفسية والجسمانية والعلمية لا تعمل بمعزل عن البيئة التي تتواجد فيها بل تتفاعل معها من خلال تدفق المعلومات والأنشطة. فهي تحدد أهدافها من خلال التفاعل مع الهيئات التي تضع سياسات التعليم، عائلات التلاميذ، إلى جانب التعامل مع السلطات المحلية كالمحافظة والمناطق التعليمية، ثم تقوم من خلال الأنشطة والوظائف الداخلية بها تحويل هذه الأهداف إلى استراتيجيات وسياسات وخطط ثم منتجات. ويعبر شكل (4) عن مخطط عام لمنظومة المدرسة حيث تشير الأسهم إلى انتقال المعلومات والأنشطة وتفاعلاتها لتقوم المدرسة بأنشطة التحويل على التلاميذ كمدخلات لها، بما يتطلبه تحديد صفات خريج المدرسة والذي يجب أن تجعله هدفا لها حتى يمكنها وضع التفاصيل الإدارية والتعليمية (والوظائف) اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
|
||
|
شكل (4): المدرسة ضمن منظومة التعليم كأنشطة ومكونات 2-3. ثقافة النظم (Systems Culture): عندما نتعامل مع الهياكل الإدارية للمؤسسات (تعليمية أو غيرها) كمنظومة بما تضمه من تفاعلات وأنشطة إنسانية فلا يمكننا أن نتغاضى عن الأثر الذي يضفيه البعد الثقافي بها على مستوى التفاعلات لها. ولذلك فالثقافة تعتبر أحد عناصر المنظومة والتي قد يكون لها تأثير داعم أو معطل للتفاعلات المنتجة بها. هذا وقد تناول العديد من الباحثين ومفكري المنظومة ثقافة المؤسسة أو الثقافة المؤسسية وتأثيرها على نمط العمل واتجاهات التغيير بها، وتعددت التعريفات المرتبطة بهذا المصطلح بحيث يراها البعض منظومة قائمة بذاتها ومنهم (Meyerson, 1987)، أو لنتعامل معها أيضا كأحد المنظومات الفرعية أو المكونات أو العناصر. ويمكن وصف الثقافة المؤسسية على أنها "نمط الفروض والقيم والمعتقدات السائدة في المؤسسة، وتظهر في النهاية في صورة سلوكيات قد لا تصبح قابلة للمناقشة" وهي تتولد في المؤسسة عبر تاريخها ويتوارثها القادمون الجدد دون أن تكون لها تعليمات موثقة تنظم هذا السلوك. 2-4. تصنيف المنظومة: حتى يمكننا توظيف فكر المنظومة بطريقة فعالة فيجب علينا الإلمام بطرق توصيف المنظومة ليس بغرض تقسيمها ولكن لتحديد الأدوات المناسبة للتعامل معها. هذا وقد ظهر العديد من التصنيفات للمنظومة حيث أشار المرجع (Bowler, 1981) إلى تصنيفها (طبقا لتأثير الجدار الذي يحدها) إلى منظومة منغلقة على نفسها أو منظومة منفتحة على البيئة. وقد أعطي المرجع (Checkland, 1990) تصنيفا يعتمد على الطريقة التي تواجدت بها المنظومة كمنظومة طبيعية (من صنع الله) أو منظومة من صنع الإنسان أو منظومة تضم الاثنين معا وهي منظومة الأنشطة الإنسانية و منظومة الثقافة والاجتماع، وقد أعطى المرجع (سمير 2002) تصنيفا يعبر عن المنظومة من حيث طبيعتها كمنظومة مادية (كمنظومة ساكنة أو ديناميكية) أو منظومة مجردة، أو من حيث اعتمادها على البيئة التي تتواجد بها، أو من حيث السلوك الديناميكي لها (تبعا لطريقة استجابة المنظومة لمؤثرات التغيير التي تتعرض لها) ثم منظومة المعلومات المرتبطة بالنشاط الإنساني. وعندما نتعامل مع البناء المؤسسي للمدرسة كمنظومة من صنع الإنسان فإنها تصبح منظومة حية منفتحة ديناميكية من الأنشطة الاجتماعية والإنسانية ذات السلوك المعقد وتصبح المعلومات فيها هي المجال الرابط (binding field) للمكونات الداخلية لها وتظهر تأثيرات تفاعلاتها من خلال منظومة المعلومات. 2-5. ديناميكية المنظومة: المنظومة المادية هي منظومة لها كيان مادي محسوس ويمكن التعامل معها بصورة حسية مباشرة وتصنيفها إلى منظومة ساكنة (Static System) لا تتغير مع الزمن من حيث الوضع والحالة، أو إلى منظومة ديناميكية (Dynamic System) وهي المنظومة التي يطرأ عليها تغييرات من حيث الحالة أو الوضع مع الزمن. وارتبط تصنيف المنظومة الديناميكية بنمط السلوك الديناميكي لها والذي يتوقف عليه طريقة انتقالها من حالة إلى أخرى نتيجة تعرضها لمؤثر خارجي أو تحول في الطاقة الداخلية بها أو فقـــد واكتسـاب للمعلومــات (Elnashaie, 1999)، والذي يضم: · منظومة ترددية (سلوك خطي) · منظومة غير خطية (سلوك غير خطي) · منظومة معقدة (سلوك معقد) · · منظومة غير منتظمة ( سلوك فوضوي) فالمنظومة الترددية (الخطية) تتميز بإمكانية تحديد حالتها عند أي لحظة زمنية (في المستقبل) من معرفة الحالة السابقة لها (الماضي).ويعبر هذا السلوك أيضا عن علاقة خطية (أو تناسب) بين التأثير التي تتعرض له المنظومة واستجابتها (منتظمة). فعندما يكون التأثير ترددي (مثل تغير إقبال المستهلكين على سلعة معينة بطريقة موسمية مثلا أو بشكل ترددي) يكون السلوك (مبيعات هذه السلعة) ترددي أيضا. أما المنظومة غير الخطية فهي تتميز بعدم وجود تناسب (أو علاقة خطية) بين التأثير والسلوك، حيث يرتبط التأثير والسلوك بنمط غير خطي قد يظل ثابت أو يتغير من حالة إلى أخرى. وهنا أيضا قد يكون لنفس التأثير عددا من السلوكيات التي لا تتفق معه أو مع سابقه. هذا النمط رصد منه الباحثون العديد من الحالات منها السلوك المحدد والذي يتبع نمط يمكن رصده بطريق الجبر أو الإحصاء ويمكن وصفه من خلال عينات على مدى واسع من الحالات وهو منتظم أيضا. وهناك السلوك الغير محدد والذي لا يمكن منه التنبؤ أو تحديد الحالة المستقبلية (على المدى البعيد) للمنظومة (أو أي من أجزائها) من المعلومات التاريخية لها ومنها المنظومة الفوضوية والتي أمكن التعبير عن بعض حالاتها رياضيا للتنبؤ بحالتها على المدى القريب. وتعبر حالة المنظومة الفوضوية (Chaotic System) عن منظومة ديناميكية في حالة من التغيير، هذا التغيير قد ينقلها إما إلى حالـة من الانتظام (order) لتعود إلى النمط الخاص بها (محدد) أو ينقلها إلا حالة مــن الانفلات (disorder) الذي لا يمكن التعبير عنه. وقد حاول الباحثون (Medio, 1993; Ward, 1995; Shipengrover, 1996) تطبيق نظرية عدم الانتظام (الفوضى) على النظم الاجتماعية أو علاقات التفاعل في المؤسسة خلال أطوار التغيير. وربما يصبح ملاحظة ورصد السلوك الديناميكي لمنظومة الإدارة والمجتمع ذو أهمية خاصة لإدارة التغيير خلال مراحل التطوير والذي يتسم بتعقيد التفاعلات الاجتماعية والفنية والإدارية، خصوصا وأن السلوك المنتظم لهذه المنظومة قد يخفي داخله عوامل عدم الانتظام (Briggs, 1990). 6-2. المنظومة المنفتحة: تتأثر المنظومة المنفتحة بالبيئة المتواجدة بها و تؤثر عليها، ويظهر ذلك في صورة تبادل للطاقة أو المعلومات بينهما، هذا ويعتبر نوع ومستوى هذا التبادل مقياسا لمدي اعتماد المنظومة على البيئة. ويمكننا التعميم هنا أنه قد لا تتواجد عمليا منظومة حية لا تتأثر بالبيئة التي تتواجد بها وإلا أصبحت غير حية وقد أشار المرجع (Awad, 1985) إلى خمس خصائص مهمة للمنظومة المنفتحة: · تحصل على مدخلات من البيئة للوصول إلى حالة الاتزان (Self Regulating). · تميل للعمل من خلال دورات ترددية أو تكرارية(Cyclic). · تفقد طاقتها على مدار الزمن وتميل إلى الترهل (Increase of Entropy). · تعمل للوصول إلى التخصصية والتفرقة(Differentiation). · تتعدد المسارات التي يمكن أن تصل بها إلى أهدافها(Equifinality). ومن خلال تفهم هذه الخصائص (المنظومية) يمكننا التعامل مع التأثيرات الديناميكية لمنظومة العمل للمدرسة كمنظومة منفتحة بصورة أكثر عمقا. 2-7. منظومة المعلومات (Information System): منظومة المعلومات هي التصنيف الثالث للمنظومة حيث تعبر عن أي منظومة تنتج و تستخدم معلومات أو بيانات وترتبط بأي نشاط إنساني. وبذلك فالهيكل التنظيمي للمؤسسة (خدمية، تعليمية، أو إنتاجية) يعتبر منظومــة للمعلومـات (Alter, 1995)، وسلوك المؤسسة والهياكل الإدارية لها يمكن التعبير عنه بإحدى صور المنظومة المجردة، ويمكن الاستدلال عن أدائها باستخدام نظريات المنظومة وأدوات التحليل المختلفة ومنها التحليل الديناميكي أو النمذجة والمحاكاة الديناميكية لسلوكها والذي يمليه البناء الداخلي لها، وكلها تعتمد على المعلومات. وبذلك فإن منظومة المعلومات تمثل جزء رئيسي من منظومة العمل ومنظومة النشاط الإنساني مهما كان نوعها ومجال التطبيق لها. وكما سبق الإشارة يمكننا أن ننظر إلى منظومة المعلومات وكأنها تحقق الترابط بين المنظومات الفرعية من خلال مجال تأثيره يشمل جميع عناصر الاتصال بينها. وبانعدام المعلومات أو ضعف جودتها تفقد المنظومة قوة الترابط بها لتعاني من عدم الانتظام والترهل ثم الانهيار.
|
||