5. مجالات تطبيق فكر المنظومة:

مجالات تطبيق فكر المنظومة تمتد لتشمل كل مجالات وتطبيقات العلوم وتحدها فقط قدرة الإنسان على تفهم وتمثيل ما يراه في العالم الحقيقي، وما يستطيع استيعابه بالنموذج العقلي له. وتعتبر مجالات تطوير نظم الإدارة بالمعلومات هي أكبر المجالات التي استفادت من تطبيق هذا الفكر للعديد من الأسباب. والإدارة بالمعلومات لا تتوقف أيضا على مجال واحد إنما تنتشر لتغطي مجالات الصحة، والسكان، والصناعة، والتعليم والبحث العلمي وغيرها إلى جانب مجالات إدارة مؤسسات التعليم.  يأتي مع ذلك أيضا مجالات تطوير نظم تطبيقات برامج الحاسبات والتي يمكن أن تشمل تقنيات استخدام برمجيات متكاملة أو متفرقة في مجالات متعددة، ومنها على سبيل المثال تكنولوجيا التعليم بالحاسبات أو تطوير نظم التعلم بمساعدة الحاسبات وهي تغطي مجالات لا حدود لها وتنتشر لتغطي جميع فروع المعرفة والعلوم. فمن خلال فكر المنظومة نستطيع باستخدام منهجية مناسبة تطوير برامج لتعلم اللغة الإنجليزية بالحاسب الآلي وتستخدم هي نفسها لتطوير برامج لتعلم الكيمياء والطبيعة والعلوم الأخرى، ويمكن استخدام نفس المنهجية في تطوير مناهج جديدة أو طرق تدريس جديدة لعرض وتقديم محتوى مختلف من العلوم. المهم في تطبيق واستخدام المنهجية في كل هذه الحالات هو تحديد مجال ومدى استخدام المنهجية والأدوات المستخدمة معها لتحقيق الهدف من المنهج الجديد أو طريقة العرض والتعلم المطلوبة للتلاميذ.

5-1. فكر المنظومة والتعلم:

تميز التسارع الهائل في إنتاج المعلومات وظهور تكنولوجيات متعددة لنقل وتحقيق تكامل هذه المعلومات بديناميكية وسرعة التحولات في جميع المجالات. هذا النمط من التغيير انعكس على العديد من مجالات العمل مما تتطلب إدارة هذا التغيير مع بناء آليات مناسبة تسمح بزيادة قدرة المؤسسات على مواكبة الاحتياجات الجديدة لهذا التغيير. أي أننا أصبحنا أمام سلسلة من التفاعلات تتطلب وظائف جديدة للإدارة وفريق من المؤهلين الجدد بحيث أصبح البناء النمطي للمؤسسة غير كاف لهذا التحول المستمر.

وحتى يمكننا تفهم التغيير والتحول فإننا نفترض أن مؤسساتنا بما فيها المؤسسات التعليمية في شكلها الحالي تحتاج إلى الاستجابة لمتطلبات التغيير ولذلك عليها أن تمر بمراحل مختلفة من التحول لتصل إلى التغيير المطلوب. ولأن هذه المؤسسات تعمل في بيئة ديناميكية متغيرة فإن ذلك يتطلب منها أن تستمر في التغيير ليصبح مواكبة التغيير أحد سمات البناء المؤسسي لها.  ولذلك فإننا نحتاج في النهاية أن يسمح البناء المؤسسي دائما بالتغيير سواء كان ذلك لمؤسساتنا الحالية أم لمؤسساتنا الجديدة. في ظل هذه الحقيقة المهمة فإننا نحتاج إلى مديرين بمهام جديدة. فالوظيفة النمطية للمدير والتي تضم التوجيه والتخطيط والحشد والتحكم لم تعد كافية لعصر المنظومة حيث أصبحت أهم وظائف المدير الآن هي إدارة التغيير، واصبح على المديرين أن يتقنوا قيادة التغيير إلى جانب طرق تعرف الظروف التي تؤثر على المؤسسة وتدفعها إلى الدخول في المراحل المختلفة للتغيير والتحول. وإدارة التغيير وإن ظلت لسنوات طويلة مع علوم الإدارة وارتبطت بالتخطيط الاستراتيجي الذي تتبناه وتقوم بتنفيذه الإدارة العليا، إلا أننا الآن أمام التغيير- التحولي والذي يعتمد على الإنسان ويتطلب تنفيذه إشراك جميع شركاء المنظومة في التحول، مع ما يتطلبه من تغيير في الثقافة والسلوكيات. ولذلك فإننا نجد الآن للتغيير التحولي ثلاث نماذج هي: التغيير الثقافي والذي يشمل السلوكيات للأفراد والمجتمعات، ثم إعادة التنظيم أو التصميم الذاتي والذي يشمل البناء المؤسسي وقدرته على التأقلم للمتغيرات، ثم التعلم والذي يعكس قدرة المؤسسة والعاملين على التحول والتحسين المستمر (Cummings, 1997). وبذلك اصبح التعلم أحد سمات البناء المؤسسي ولا يقتصر على تعلم الأفراد بصورة منفردة داخل المؤسسة أو بعيدا عنها. أنه يعكس سلوك متجدد يتطلب أن تتعلم المؤسسة أو المدرسة كيف تتعلم.